الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية ناجي جلّول (عضو المكتب التنفيذي لنداء تونس): لم نعد نميّز بين نهضة الغنوشي والنهضة التي تساند المرزوقي

نشر في  04 ديسمبر 2014  (09:50)

 الـجـنــــوب لــــم يصــوّت للمـرزوقي، بل ضدّ نداء تونس

ناجي جلول القيادي بحركة نداء تونس، دكتور وأستاذ التاريخ والآثار الإسلامية بجامعة منوبة، حاصل على الدكتوراه من جامعة السربون سنة 1988، وعلى شهائد الدراسات العليا المتحفية من معهد اللوفر بباريس. عضو مؤسس للجنة الوطنية للتاريخ العسكري وللمجلة التونسية للتاريخ العسكري وصاحب عدد من الكتابات والمقالات والمؤلفات ذات الصلة بالمباحث التاريخية المختلفة.
حاورته أخبار الجمهورية حول الواقع السياسي ورأيه حول نتائج الانتخابات الرئاسية وموقفه من قرار حزب التكتل وهو عدم مساندة الباجي قائد السبسي في الدور الثاني للرئاسية، كما تمّ التطرق خلال هذا الحوار إلى العديد من المسائل السياسية التي تشغل بال الرأي العام التونسي.

في البداية، ما هي قراءتك لنتائج الانتخابات الرئاسيّة الأخيرة؟
ـ هذه النتائج تبدو منطقيّة إذ منحت الأستاذ الباجي قائد السبسي أسبقيّة على الرّغم من أهميتها، لم تمكّنه من المرور منذ الدور الأول. ويعود ذلك حسب رأيي الى عدّة أسباب أهمّها تعدّد الترشحات صلب العائلة الديمقراطية مقابل التفاف أهمّ مكوّنات الترويكا حول المنصف المرزوقي الذي تميّز خطابه بمسحة شعبويّة وفي بعض الأحيان استئصالية استهوت الشّرائح التي همّشها نظام بن علي، وهذا الخطاب استهدف الدولة ومؤسّساتها وخلط بين الدولة كمكسب وطني والنظام المافيوزي الذي كان قائما قبل الثورة.
ما هي توقّعاتك لنتائج الدور الثاني للرئاسية؟
أنا متأكّد من انّ الأستاذ الباجي قايد السبسي سيفوز في الدور الثاني بأسبقيّة مريحة لأنّ الاختيار أصبح بين نموذجين ومرشّحنا لم يعد مرشّح نداء تونس بل مرشّح الجبهة الديمقراطيّة الموسّعة وكلّ من يؤمن باستقلالية القرار الوطني ومدنية الدولة ودولة القانون والرفاء وقيم الجمهورية. سنفوز لأنّ الأستاذ الباجي قايد السبسي هو مرشّح كلّ من يريد ان يطوي صفحة الترويكا التي فقّرت الشعب وأساءت لصورة تونس وعلاقاتها التاريخيّة، وساهمت في انهيار مؤسسات الجمهورية وانتشار الفساد والارهاب.
ما هو تحليلك لاحتكار المرزوقي أصوات الجنوب التونسي مقابل السيطرة المطلقة للسبسي في الشمال؟
ـ من وجهة نظري أرى ان الجنوب لم يصوّت للمرزوقي بل صوت ضدّ نداء تونس الذي رأوا فيه من الناحية الرمزية تواصلا للحزب الدستوري الذي قامت عليه دولة الاستقلال. فأهل الجنوب الذين ناضلوا ضدّ الاستعمار الفرنسي وحملوا مشعل المقاومة المسلحة يحسّون بالغبن تجاه منوال تنمية ركز المنشآت الاقتصادية على السواحل وهمّش قطاعات واسعة من الجنوب. وكيف السّبيل لتجاوز ذلك ولقد آن الأوان لرفع هذه المظلمة التاريخيّة عبر ابتكار منوال تنمية يعطي الأولية لهذه المنطقة ويدمجها في دورة انتاج دقيقة ويتناغم مع تحقيق شعارات الثورة التي نادت بالحرّية والشغل والكرامة والوطنية.
هل تعتقد انّ نتائج الانتخابات أثبتت انّ حركة النهضة هي المساند الرسمي للمرزوقي والسبب في تأهّله للدور الثاني رغم إعلانها الحياد؟
ـ صحيح، أعلنت قيادة النهضة حيادها ولكن تسيير العملية الانتخابية بيّن  انخراط قواعدها وهياكلها المحلّية وبعض الكوادر الوسطى في حملة المنصف المرزوقي وهو أمر غريب من قبل حزب عرف بتنظيمه الحديدي وانضباط مناضليه، ومن ناحية اخرى يمثل مجمل الأصوات التي حصل عليها مرشّح المؤتمر من أجل الجمهورية تقريبا معدل نوايا التصويت الذي قدّمته مؤسسات سبر الآراء لحمادي الجبالي ومحمد عبو والمنصف المرزوقي وهو تطابق مريب. ولكن على حركة النهضة ان تفصح عن موقفها بوضوح وان تستثمر نتائج المراجعات الجدّية التي قامت بها على درب تونستها واخراجها من جلباب الاخوان لمدّ الجسور من جديد مع النداء لأنّ انخراط بعض مناضليها في حملات تقودها في بعض الأحيان رابطات حماية الثورة يسيء الى سمعتها في الدّاخل والخارج .
ماهو تحليلك لعدم تقديم النهضة أيّ مرشّح رئاسي؟
أرى انّ النهضة تعيش مأزقا حقيقيا ناجما عن عدم تقديمها مرشّحا للانتخابات الرئاسيّة نتيجة لماسماه صديقي محمد بوعود «الشعور الطاوسي المغرور» بكسب الانتخابات النّيابيّة وبالتالي كانت لاترى فائدة في تولّي كل السلطات كي لا تكون في واجهة المسؤولية بمفردها. ويحاول المنصف الرزوقي اليوم استغلال هذا المأزق وذلك بمناداته بتقاسم السلطة فأسند لنفسه رئاسة الجمهورية ولحركة النهضة رئاسة البرلمان وما تبقى فلديهم الحكومة متناسيا انّ الخارطة السياسية المحلية تغيرت بصفة جذريّة وبأنّه ليس وصيا على الثورة وبأن الذين بشّروه بالرئاسة سنة 2011 أسقطهم صندوق الديمقراطية سنة 2014.
ما هي آخر مستجدّات حزب سليم الرياحي وهل توجد مفاوضات حول امكانيّة اشراكه في الحكومة القادمة؟
ـ  المشهد السياسي لن يكتمل الاّ بعد الانتخابات الرئاسيّة حيث سندخل في مفاوضات حول تركيبة الحكومة وهي مفاوضات عمادها مشروع سياسي وبرنامج تقدّمي ينبذ المحاصصة الطائفيّة التي انتجتها الترويكا.
نحن نعتبر انّ الوطني الحرّ ينتمي الى العائلة الديمقراطية الموسّعة ولكن كلّ تحالف يجب ان ينبني على أساس تحقيق شعارات الثورة والقطع مع منوال التنمية الليبيرالي على درب إعادة دولة الرفاه والعدالة الاجتماعيّة.
هل بدأت بوادر التحالفات الديمقراطية في تشكيل الحكومة الجديدة تتضح لحركة نداء تونس ومن تجدونه الأقرب لأطروحاتكم ومنهجكم السياسي؟
ـ لقد كرّر الاستاذ الباجي قايد السبسي بأنّ المرحلة القادمة هي مرحلة  توافق وبأنّ نداء تونس لن يحكم وحده ولن يتغوّل. ونحن نسعى الى إعادة احياء جبهة الانقاذ لتكون درعا حصينا للحكومة الجديدة وقاطرة لمشروعنا المجتمعي وهي جبهة عمادها اصدقاؤنا في الجبهة الشعبيّة وحركة آفاق والاتحاد الوطني الحرّ والمبادرة والمسار وعدّة شخصيات وطنيّة.
هل يمكن تشكيل حكومة على رأس وزاراتها أطراف من حركة النهضة؟
ـ نتائج الانتخابات جعلت من النهضة القوّة الثانية في البرلمان فهي اذن شريك سياسي هام ولذلك علينا إشراك كلّ القوى الحيّة في اتخاذ القرارات الكبرى التي تهمّ مستقبل بلادنا لكن الإشراك لا يعني بالضرورة تركيبة معينة للسلطة التنفيذيّة فمجالاته أوسع وأشمل كما أننا نحرص على تناغم جلّ مؤسسات السلطة التنفذيّة تجنّبا للشلل الذي ميّز أداء الدولة أثناء حكم الترويكا نتيجة لتضارب مصالح الرئاسات الثلاث، ومن أجل هذا نسعى الى الفوز بالانتخابات الرئاسيّة ورفضنا سابقا فكرة الرئيس التوافقي.
هل في ذلك إشارة الى انّ النداء استبعد النهضة من الحقائب الوزاريّة للحكومة الجديدة؟
ـ  التعامل مع حركة النهضة أمرا صعبا لأننا  لم نعد نميّز بين نهضة الغنّوشي والنهضة التي تساند المرزوقي وتنخرط في مشروعه الذي يدعو الى تقاسم السلطة وإسناد رئاسة الجمهورية لحزب حصل على أربعة مقاعد في الانتخابات. ويبدو انّه شقّ متمرّد يراهن على استمرار نموذج المحاصصة رغبة منه في نيل نصيب من سلطة لايريد التفريط في امتيازاتها وخيراتها، هل هذا ناجم عن صراعات القيادة السجنية وقيادة المهجر تضارب لا يشجّع على شراكة حقيقية مع حركة النهضة لأنّ البلاد بحاجة الي سلطة تشريعيّة ـ غدت برأسين ـ متناغمة ومنسجمة.
ما هو موقفك من قرار حزب التكتّل عدم مساندة الباجي قايد السبسي في الدور الثاني للرئاسيّة؟
ـ  حزب التكتّل هو مشروع سياسي متميّز ولكنه ارتكب أخطاء قاتلة أولها انه انخرط في الترويكا بغضّ الطرف عن كل الانتهاكات التي استهدفت العائلة الديمقراطية، ونظرا لوزنه الانتخابي الحالي فانّ مساندته أو عدم مساندته لن تغيّر أيّ شيء وموقف حزب التكتل مرتبط بالتزاماته الدولية المعروفة.

حاورته: منارة تليجاني